علاج الهم والاكتئاب

 علاج الهم والاكتئاب

    إن من طبيعة الحياة الدنيا الهموم والغموم التي تصيب الإنسان فيها، فهي دار اللأواء والشدة والضنك، ولذا كان الأمر الذي تميزت الجنة به عن الدنيا أنه ليس فيها هم ولا غم ” لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين” ، وأهلها لا تتكدر خواطرهم، ولا بكلمة ” لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما سوى قيلا سلاما سلاماً ” وطبيعة الحياة الدنيا المكابدة والمقاساة التي يواجهها الإنسان في ظروفه المتغايرة وأحواله المختلفة، مثلما دل فوقه قول الحق تعالى : ” لقد خلقنا الإنسان في كبد “. فهو حزين على ما مضى، مهموم بما يستقبل ، مغموم في الوضع.

    أما من اهتدى بهدي الإسلام فإنه يجد الدواء بينما جاء من لدن العليم المتمرس وصاحب الخبرة الذي خلق الخلق وهو أعلم بما يصلحهم ” ألا يعرف من خلق وهو اللطيف المتمرس وصاحب الخبرة ” .

    وعن أشكال الأدوية التي أتت بها شريعتنا الغراء:

    أولاً : التسلّح بالإيمان المقرون بالعمل الصالح :

    أفاد الله سبحانه وتعالى: ” من عمل صالحاً من أوضح أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون “، وعلة هذا ملحوظ، فإن المؤمنين بالله الإيمان السليم، المنتج بوفرة للعمل الصالح المصلح للقلوب والأخلاق والدنيا ويوم القيامة، معهم مناشئ وأسس يتعاملون بها مع كلّ ما يرد عليهم من أشكال المسرات والأحزان، فيتلقون النّساد والدربّ بقبول لها وشكر أعلاها، ويستعملونها في حين ينفع، ويتلقون المكاره والمضار والهم والغم بالصمود، لِما يمكن لهم مقاومته، وتخفيف ما يمكن لهم تخفيفه ، والجلَد الجميل لما ليس لهم عنه بد.

    ثانياً : البصر بينما يحصل للمسلم من تكفير المعاصي وتمحيص الفؤاد ورفع الدرجات ، إذا أصابته غموم الدنيا وهمومها: 

    صرح النبي صلى الله عليه وسلم : مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ رواه البخاري الفتح 5642
    فليعلم المهموم أن ما يصيبه من الأذى السيكولوجي نتيجة للهمّ لا يذهب سدى، بل هو نافع في تكثير حسناته، وتكفير سيئاته.

    ثالثاً : دراية حقيقة الدنيا :

    فإذا معرفة المؤمن أن الدنيا فانية، ومتاعها بسيط، وما فيها من لذة فهي مكدّرة ولا تصفو لأحد، إن أضحكت بشكل بسيطً أبكت طويلاً، وإن أعطت يسيراً منعت بكثرةً، والمؤمن فيها محبوس مثلما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ رواه مسلم.

    رابعاً : ابتغاء الأسوة بالرسل والصالحين واتخاذهم مثلاً وعبرة :

    وهم أقوى الناس بلوىً في العالم ، والمرء يبتلى على قدر دينه ، والله إذا أحب عبداً ابتلاه، وقد سأل سعد رضي الله سبحانه وتعالى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْباً اشْتَدَّ بَلاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ رواه الترمذي.

    ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيل همنا وغمنا، وأن يرزقنا حياة طيبة في العالم ويوم القيامة

    في الختام .. لا تنسى تقييم التطبيق لكي نستمر في نشر المزيد من المقالات 🌺
    Walid
    @مرسلة بواسطة
    كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع عالم المعرفة - معلومات بلا حدود .